سورة النساء - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} وهي كلُّ ذنبٍ ختمه اللَّهُ بنارٍ، أو غضبٍ، أو لعنةٍ، أو عذابٍ، أو وعيدٍ في القرآن {نكفر عنكم سيئاتكم} التي هي دون الكبائر بالصَّلوات الخمس {وندخلكم مدخلاً كريماً} أَيْ: الجنَّة.
{ولا تتمنوا ما فضَّل الله به بعضكم على بعض...} الآية. قالت أمُّ سلمة: يا رسول الله، ليتنا كنَّا رجالاً، فجاهدنا وغزونا، وكان لنا مثل أجر الرِّجال، فنزلت هذه الآية. {للرجال نصيب} ثواب {مما اكتسبوا} من الجهاد {وللنساء نصيبٌ} ثوابٌ {ممَّا اكتسبن} من حفظ فروجهنَّ وطاعة أزواجهنَّ {واسألوا الله من فضله} إن احتجتم إلى مَا لِغَيركم فيعطيكم من فضله.
{ولكلٍّ} أَيْ: ولكلِّ شخصٍ من الرِّجال والنِّساء {جعلنا موالي} عصبة وورثة {ممَّا ترك الوالدان والأقربون} أَيْ: ممَّن تركهم والداه وأقربوه، أَيْ: تشعَّبت العصبة والورثة عن الوالدين والأقربين، ثمَّ ابتدأ فقال: {والذين عقدت أيمانكم} وهم الحلفاء، أَيْ: عاقدت حلفَهم أيمانُكم، وهي جمع يمين من القَسَم، وكان الرَّجل في الجاهليَّة يعاقد الرَّجل، ويقول له: دمي دمُّك، وحربي حربُك، وسلمي سلمُك، فلمَّا قام الإِسلام جعل للحليف السُّدس، وهو قوله: {فآتوهم نصيبهم} ثمَّ نسخ ذلك بقوله: {وأولوا الأرحام بعضُهم أولى ببعضٍ في كتاب الله} {إنَّ الله كان على كلّ شيء شهيداً} أَيْ: لم يغب عنه علم ما خلق.
{الرجال قوَّامون على النساء} على تأديبهنَّ والأخذ فوق أيديهنَّ {بما فضَّل الله} الرِّجال على النِّساء بالعلم، والعقل، والقوَّة في التَّصرف، والجهاد، والشَّهادة، والميراث {وبما أنفقوا} عليهنَّ {من أموالهم} أَي: المهر والإِنفاق عليهنَّ {فالصالحات} من النِّساء اللواتي هنَّ مطيعاتٌ لأزواجهنَّ، وهو قوله: {قانتات حافظاتٌ للغيب} يحفظن فروجهنَّ في غيبة أزواجهنَّ {بما حفظ الله} بما حفظهنَّ الله في إيجاب المهر والنَّفقة لهنَّ، وإيصاء الزَّوج بهنَّ {واللاتي تخافون} تعلمون {نشوزهنَّ} عصيانهنَّ {فعظوهنَّ} بكتاب الله، وذكِّروهنَّ الله وما أمرهنَّ به {واهجروهن في المضاجع} فرِّقوا بينكم وبينهم في المضاجع في الفرش {واضربوهنَّ} ضرباً غير مبرِّح شديد، وللزَّوج أن يتلافى نسوز امرأته بما أذن الله تعالى فيه، يعظها بلسانه، فإنْ لم تنتهِ هجر مضجعها، فإنْ أبت ضربها، فإن أبت أن تتَّعظ بالضرب بُعثَ الحكمان {فإن أطعنكم} فيما يُلتمس منهنَّ {فلا تبغوا عليهنَّ سبيلاً} لا تتجنَّوا عليهنَّ من العلل.
{وإنْ خفتم} علمتم {شقاق بينهما} علمتم خلافاً بين الزَّوجين {فابعثوا حكماً} أَيْ: حاكماً وهو المانع من الظُّلم من أقاربه {وحَكَماً من أهلها} حتى يجتهدا وينظرا الظَّالم منهما، فيأمراه بالرُّجوع إلى ما أمر الله، أو يُفرِّقا إنْ رأيا ذلك {إن يريدا} أَي: الحكمان {إصلاحاً يوفق الله بينهما} مِن الزَّوج المرأة بالصَّلاح {إنَّ الله كان عليماً خبيراً} بما في قلوب الزَّوجين والحكمين.


{وبالوالدين أحساناً} أَيْ: أحسنوا بهما إحساناً، وهو البرُّ مع لين الجانب {وبذي القربى} وهو ذو القرابة يصله ويتعطَّف عليه {واليتامى} يرفق بهم ويُدنيهم {والمساكين} ببذلٍ يسيرٍ، أو ردٍّ جميلٍ {والجار ذي القربى} وهو الذي له مع حقِّ الجوار حقُّ القرابة {والجار الجنب} البعيد عنك في النَّسب {والصاحب بالجنب} هو الرَّفيق في السَّفر {وابن السبيل} عابر الطَّريق. وقيل: الضيف يؤويه ويطعمه حتى يرحل {وما ملكت أيمانهم} أَيْ: المماليك {إنَّ الله لا يحبُّ مَنْ كان مختالاً} عظيماً في نفسه لا يقوم بحقوق الله {فخوراً} على عباده بما خوَّله الله من نعمته.
{الذين يبخلون} أي: اليهود. بخلوا بأموالهم أن ينفقوها في طاعة الله تعالى {ويأمرون الناس بالبخل} أمروا الأنصار ألا ينفقوا أموالهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: إنَّا نخشى عليكم الفقر {ويكتمون ما آتاهم الله من فضله} أَيْ: ما في التَّوراة من أمر محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ونعته.
{والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس} أَيْ: المنافقين {ومَنْ يكن الشيطانُ له قريناً} يسوِّل له ويعمل بأمره {فساء قريناً} بئس الصَّاحب الشَّيطان.
{وماذا عليهم} أَيْ: على اليهود والمنافقين، أَيْ: ما كان يضرُّهم {لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا ممَّا رزقهم الله وكان الله بهم عليماً} لا يُثيبهم بما ينفقون رئاء النَّاس.
{إنَّ الله لا يظلم} لا ينقص أحداً {مثقال} مقدار {ذرة} إن كان مؤمناً أثابه عليها الرِّزق في الدُّنيا، والأجر في الآخرة، وإنْ كان كافراً أطعمه بها في الدُّنيا {وإن تك حسنة} من مؤمنٍ {يضاعفها} بعشرة أضعافها {ويؤتِ مِنْ لدنه} من عنده {أجراً عظيماً} وهو الجنَّة.
{فكيف} أَيْ: فكيف يكون حال هؤلاء اليهود والمنافقين يوم القيامة؟، وهذا استفهامٌ ومعناه التَّوبيخ {إذا جئنا من كلِّ أُمَّة بشهيدٍ} أَيْ: بِنبيِّ كلِّ أُمَّةٍ يشهد عليها ولها {وجئنا بك} يا محمَّد {على هؤلاء شهيداً} على هؤلاء المنافقين والمشركين شهيداً تشهد عليهم بما فعلوا.
{يومئذٍ} أَيْ: في ذلك اليوم {يودُّ الذين كفروا وعصوا الرسول} وقد عصوه في الدُّنيا {لو تسوَّى بهم الأرض} أَيْ: يكونون تراباً، فيستوون مع الأرض حتى يصيروا وهي شيئاً واحداً {ولا يكتمون الله حديثاً} لأنَّ ما عملوه ظاهرٌ عند الله لا يقدرون على كتمانه.


{يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة} أَيْ مواضع الصَّلاة، أيْ: المساجد {وأنتم سكارى} نُهوا عن الصَّلاة وعن دخول المسجد في حال السُّكْر، وكان هذا قبل نزول تحريم الخمر، وكان المسلمون بعد نزول هذه الآية يجتنبون السُّكْر والمُسكر أوقات الصَّلاة، والسَّكران: المُختلط العقل الذي يهذي، ولا يستمرُّ كلامه، ألا ترى أنَّ الله تعالى قال: {حتى تعلموا ما تقولون} فإذا علم ما يقول لم يكن سكران، ويجوز له الصَّلاة ودخول المسجد {ولا جُنباً} أَيْ: ولا تقربوها وأنتم جنبٌ {إلاَّ عابري سبيل} إلاَّ إذا عبرتم المسجد فدخلتموه من غير إقامةٍ فيه {حتى تغتسلوا} من الجنابة {وإنْ كنتم مرضى} أَيْ: مرضاً يضرُّه الماء كالقروح، والجُدّري، والجراحات {أو على سفر} أَيْ: مسافرين {أو جاء أحدٌ منكم من الغائط} أو الحدث {أو لامستم النساء} أَيْ: لمستموهنَّ بأيديكم {فلم تجدوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صعيداً طيباً} تمسَّحوا بترابٍ طيِّبٍ مُنبتٍ.
{ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب} وهم اليهود {يشترون الضلالة} أَيْ: يختارونها على الهدى بتكذيب محمَّدٍ عليه السَّلام {ويريدون أن تضلوا السبيل} أن تضلُّوا أيُّها المؤمنون طريق الهدى.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8